الأحد، 13 مارس 2011

أحمد وجرجس وحالة فى حب مصر

حبك يا بلدى بحبك يا مصر
بحبك غنوة ف طريقى
بحبك يا بلدى بحبك حقيقى
بحبك راية مزروعة ف جبينى
ومرسومة ف خدودى
بحبك تاريخ كتبه جدودى
بحبك صرخة بتهد ف سدودى
ومستقبل ملامحه ف وريدى
وبحبك كلمة بتعلن وجودى
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر
بحبك نيل ميته ف سمارى
وخيره ف دارى
وزرعه ف وادى ودلتا وبرارى
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر
بحبك حكمة قالها الزمن
تعيشى قوية رغم المحن
ما يهمك عدو ولا عادى اغتصب
ولا يعرف طريقك ف يوم التعب
ولا تخافى عمرك
وتحاربى بقوة ولا تهابى قوة
وزراعة جوه قلوب ولادك زند وعصب
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر
يا اغلى معنى فى عينى
وكلمة غالية ف شراينى
بحبك ف كنيسة وجامع
مدنة وصليب
وحلم للسما طالع
بحبك وقانع
انى مسلم او مسيحى
بلاقيكى بلدى وروحى وضى عينى
بحبك بقولها وهأقولها لاجل ما تزيد جواى معانى
وبيكى وليكى وعشانك احس
ومستحيل يا أمى تاخدنى غربة
ف دنيا ضلمة مفيهاش اسمك او علمك يا مصر
بحبك بجد ومفيش اى حد
هياخدك منى
وانا عند وعدى يا امى ونص
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر
يا مصر ده انا لو غبت عنك يومين
برجع وانا كلى انين
اوطى على ترابك ابوسه
وانا نص دموعى حنين
والنص التانى دايب فيك عشق
يا ام العيون على ولادك سهرانين
طول عمرى بخاف تزعلى منى
تخيلى
وانا صغير كنت بعمل عشانك الواجب
واسهر طول الليل اذاكر
ايوه لسه فاكر
لو يوم نمت بدرى
اقعد تانى يوم
الوم ف نفسى واعاتب
وفاكر لما كنت انا وجورج وسعيد
بنكتب فيكى مواضيع تعبير
كان القلب يا بلدى ولسه زى ما هو
ف عشقك بيطير
حتى اسألى
جرجس عزيز وصاحبه امير
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر
جايز ساعات منكرش
ياخدنى صوت بناتك
وعشقى لسكاتك
لكن ساعة الشدايد
بتبقى انت
انت وبس
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر
يا كل الحضارة واصل التاريخ
وكفاحك اكيد حقيقى ده فخر
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر
كنت هنسى فى زحمة نعم المولى عليكى
اقول من تانى النيل
وازاى انسى الاصل ولون الطمى وخير الطين
وانسى فلاحين بلادنا
ولادهم
حريمهم
والجيران الطيبين
بس ازاى انسى وهما الاصل
وساعة الجد بيقولوا القول الفصل
بحبك يا بلدى بحبك يا مصر

كلمات احمد صلاح محمود

السبت، 12 مارس 2011

وداعا للعقل السياسي وألف أهلا بالجنون بشار زيدان

في خضمّ المخاض الثوري الذي يشهده الوطن العربي في هذه الأيّام المباركة.. يجد المرء نفسه عاجزاً عن ترك جهاز التحكّم عن بعد (الريموت كنترول) والإمساك بالقلم، فتسارع الأحداث المفصلية وعدوى الثورات الشعبية مازالا أسرع من قدرة أقلامنا على مواكبتهما، وأكبر من أن تستوعبهما أشد أحلامنا جموحاً، مع أنّنا ظننّا مخطئين يوماً أن الحبر المسال لن يغيّر شيئاً، لكن الدم الذي سال في تونس ومصر، ويسيل في ليبيا، غيّر معادلات وحسابات أشد ديكتاتوريات الوطن العربي صلافة، وأشعل النار في عروش من ورق.
أكتب الآن وأنا أتابع ثورة الشعب الليبي العظيم، أحفاد شيخ الشهداء وأسد الصحراء عمر المختار، وأرجو أن ينتصر الشعب ويسقط السفاح الطاغية المجنون معمّر القذّافي قبل أن تجد هذه السطور طريقها للنشر.
أردت أن أشكر الشعب التونسي سابقاً على تحقيق ما بالغت في التفاؤل به، في مقالتي التي نشرتها 'القدس العربي' صباح اليوم الذي تأبّط فيه بن علي نعليه وهرب من تونس الخضراء، بحثاً عن منفىً يقبل به، فعاجلتني جماهير أرض الكنانة بثورتها المجيدة، فوجدت من الأولى أن أُعسكر على أبواب السفارة المصرية هنا، من أن أكتب كلاماً فيهم، وكم أبكتني هذه الثورة المجيدة فرحاً، كما بكيت مراراً من عدمها، وسقط سجّان غزّة وأبو جهل 'موقعة الجمل' في ميدان التحرير، وميدان الشرف والكرامة، وأبى إلا أن يرحل مهاناً مرغماً وذليلا..
لكن مقالتي اليوم ليست لمناقشة أسباب هذه الثورات المجيدة، ونتائجها، وانعكاساتها الدولية، فقد استفاض كَتّاب مخضرمون في تفنيدها، وانبرت أقلام شريفة لتمجيدها، لكنني أَخصّص قلمي المتواضع اليوم لشكر وذكر أسماء بعض الأشخاص العاديين البسيطين، الذين أعتقدهم البعض مجانين، والذين لم يكن لهذه الثورات أن تكون لو لم يكونوا، ولإبراز دور نشاطاتهم و'جنونهم' وأعمالهم التي يعتقدها البعض صغيرة، لكن نتائجها كانت 'ثورية' بكل ما تحمل الكلمة من معاني.
ولا يمكن لي إلا أن أبدأ بأبي الثورة، محمد البوعزيزي، التونسي الجامعي بائع الخضار، الذي يدين كل شريف في هذا الوطن العربي الجديد من البحر إلى البحر، لكل قطعة لحم محروقة من جسده الطاهر، فقد أشعل شعلة الثورة التي لن تنطفئ وكان جسده الوقود.
وائل غنيم، الشاب المصري الثلاثيني، مهندس الحاسوب، الذي أذكى نيران هذه الأنتفاضة الشعبية بمفاتيح حاسوبه، حتى استحق لقب 'ثائر الكيبورد'.
أسماء محفوظ، ناشطة بحركة شباب 6 أبريل، تملك من العمر 26 عاماً، كان الفيسبوك هو ميدانها، والمظاهرات السلمية هي نشاطاتها، لكنها بحيويتها وحماسها وحبّها لمصر، قهرت حسني مبارك وأزلامه.
إسراء عبد الفتاح فتاة مصرية ثلاثينية، اعتقلت عدة مرّات من قبل نظام الطاغية مبارك فقط لأنها تأبى الذل، حتّى أنّ قوات الأمن المصرية اعتقلتها في 15 يناير 2010 فقط لأنها كانت تؤدي واجب العزاء لضحايا مذبحة نجع حمادي.
عاطف الأطرش، هذا الكاتب الصحافي الليبي الذي اختطفه المجرم القذافي لأنه كسر جدار الصمت وأجرى مكالمة مع قناة الجزيرة، وليس معلوماً مصيره حتى الآن.
النقيب ماجد جمال بولس، قائد الكتيبة المصرية التي رابطت في مدخل شارع طلعت حرب، الذي تصدى لمحاولة هجوم البلطجية يوم الأربعاء الدامي على ميدان التحرير من الخلف، والذي طمأن جماهير ميدان التحرير بأن الطائرات التي تحلق منخفضة ليست لاخافتهم، وانما هي إجراء روتيني لطمأنة القوات البرية على الارض، وأكد أنّ تلك الطائرات لا يمكنها أن تطلق صواريخها على الميدان لأنها في هذه الحالة ستقتل كل من فيه، سواء كانوا متظاهرين أو عسكريين.. وقال لهم بالحرف: 'إذا حدث ذلك سأقتل نفسي'.
الأبطال والجنود المجهولون كَثر، وكل شخص فيهم يستحق على الأقل الشكر الشخصي ولو بمقالة متواضعة من كاتب يتمنّى لو تسنّى له أن يكون معهم.
خالد سعيد، لينا بن مهني، سفيان الشورابي، ياسين العياري، حسين صادق المصراتي، زياد كلوت، الرائد أحمد شومان، الطالبة آلاء فرج، طل الملوحي، وهي مدونة سورية حُكم عليها قبل عدّة أيّام بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة لفقت لها وهي إفشاء معلومات لدولة أجنبية وكونها جاسوسة منذ خمس سنوات (طل الملوحي تبلغ من العمر الآن 19 عاماً)...
الأسماء لا تنتهي، وكل من يجهل أيّا من الأسماء أعلاه عليه البحث عنها، وكلّها لأناس عاديين، ليسوا سياسيين أو دبلوماسيين أو رجال أعمال، هم فقط أشخاص لم يمت كبرياؤهم، ولم تلتبس ولاءاتهم، فحاولوا أن يفعلوا شيئاً ونجحوا، مثل كثيرين قبلهم، اعتقد البعض أنهم فشلوا ولم يعلموا أنّهم أسّسوا لنجاحات هذا الجيل، أمثال سعد حلاوة (مجنون مصر الجميل) وعبدالحميد شتا وتيسير السبول وناصر بن سعيد وآلاف غيرهم، رصفوا أجسادهم جسراً لأحرار هذا الجيل نحو انتزاع حرية طال انتظارها تحت حكومات الكتبة.
أكتب سطوري السالفة لكي أقول للجميع بأن علينا جميعاً، أن ننخرط في النضال، من أجل خلاصنا المشترك، ما من أيدٍ نظيفة، ما من أبرياء، ما من متفرجين، إننا جميعاً، نغمّس أيدينا، في وحل أرضنا، وكلّ متفرّج، هو جبان، أو خائن، كما قال عمر أميرالاي الذي غادرنا قبل أن يشهد اللوحة النهائية للوطن العربي الذي يرسمه ثوّارنا الآن كما كان يتصوّره بل أفضل.
لم يعد هناك الآن عذر لأيّ شخص بأنه لا يستطيع فعل شيء، فبائع الخضار ابتدأ الثورة، ولم يعد هناك مكان للمتخاذلين، أجمل ما في هذه الثورات أنّها غربلت جماهير وطننا العربي الكبير، فأنت إما معها أو ضدّها، ليس هنالك بين بين، وأنّها أعادت الأمل لمن كان على وشك أن يبلغ به اليأس مبلغه وبشدّة، وأعادت اللَحمة بين أبناء الوطن العربي الكبير، حيث تجــــد اعلام الجزائر في شوارع مصر، واعلام تونس في ميادين عمّان، واعلام مصر في اليمن، واعلام البحرين في رام الله، ومجمــــوعات الشـــباب العربية تتآزر مع كل ثورة عبر الانترنت والمظاهـــرات والاعتصامات، فذابت كل الحواجز وتهاوت كل الأسوار التي لم تألُ جهداً هذه الأنظمة المتهاوية في نصبها على مدى عشرات السنين الماضية، في ثوان.
لم أعتقد حقّــــاً بأنني سأكون محظــــوظاً بمعاصــــرة ما يحدث الآن، وبأن جيلي الذي نشأ وترعرع معظمه تحت نفــــس الطغاة الذين يتساقطون كالثمــــر الفاســـد الآن، سيكون هو الجيل الذي يهزّ جذع الشجرة، لكن هؤلاء الأبطال جعلــــوا الــــحلم يُلمس باليدين، وأضحوا الآن يعطون دروساً في الثورة والكرامة للعالم الذي أعتقد أن العرب قد سقطوا من متن التاريخ لحاشيته، شكراً لأنكم أمطرتمونا بطولة وشموخا... شكراً وألف شُكر.
تتكاثر الأفكار في رأسي ولا أستطيع ترجمتها لكلمات، ربّما بسبب مزيج المشاعر الفرحة والغاضبة والحزينة والسعيدة، والأمل، حيث أنّي أرى فلسطين الآن على بُعد أمتار، لكن الشعور الأكيد هو الفخر، الفخر لكوني عربيّا بحق، وليس تعصّباً وتعّلقاً بأمجاد خلت كما كُنت قبل عدّة أسابيع، ولعمري أنّي أكاد أسمع صوت جمال عبدالناصر وعبدالقادر الجزائري وعزالدين القسام وأمين الحسيني وصلاح الدين الأيّوبي يتردد في جنبات الوطن العربي، وطني العربي...

' كاتب فلسطيني مقيم في لندن

الأربعاء، 2 مارس 2011

هناك.. حيث لا تفقد الذكريات عذوبتها!

ماضى الخميس

هناك.. حيث لا تفقد الذكريات عذوبتها!

الأربعاء، 28 يوليو 2010 - 20:18
Bookmark and Share Add to Google
تأخذك مصر بمرها وحلاوتها.. تأخذك بتفاصيلها وتسحرك بجمالها.. تجعلك شئت أم أبيت جزءاً منها.. لا تستطيع أن تتخلى عن انتمائك لها.. تأخذك إلى حيثما تريد وقتما تشاء لا إرادة لك فى مصر.. هناك أنت مسلوب الإرادة ومستسلم تماماً لما يحيط بك من ظروف.. تأخذك مصر بهمومها التى لا تنتهى.. وبغيومها التى لا تمطر.. وبآمالها التى لا تتحقق.. وتطلعات شعبها التى لا تبلغها.. تأخذك بآلاف الأحلام والأمنيات المبعثرة فى الشوارع دون أن تتحقق.. تأخذك بنيلها وبحورها وشوارعها ومدنها وقراها وتفاصيلها الكثيرة .. تأخذك بابتسامة لا تجدها فى أى بلد آخر.. وبحزن لا يمكن أن تجهله عيون.. وبلحظات لا تتكرر فى أى وقت آخر.. بلد الحزن والفرح، البكاء والضحك، الألم والأمل.. كل المتناقضات التى لا تجدها تتواءم وتلتئم وتتناسق بشكل ساحر ومجنون إلا فى مصر.. هناك ترى الحزن يبعث الابتسامة.. ومن رحم الأمل تولد الضحكة.. ومن قلب الأزمة تخلق النكتة.. ومن عنفوان الكارثة تتفجر براكين الفرح!!.

يبحث الشعب المصرى عن فرصة للفرح.. لمحة فرح تكفيه أياماً طويلة.. يعيش على ذكراها ويستمتع بصداها زمناً طويلاً.. يعرف المصريون كيف يفرحون.. يعرفون كيف يبتسمون ويعرفون كيف يتغلبون على همومهم بالصبر والفرح والابتسام.. ضربوا بهمومهم جميعها بعرض الحائط وتشبثوا بكرة القدم.. يحب المصريون كرة القدم أكثر من أى شىء آخر.. علمونا منذ القدم أن التعصب الرياضى ثنائى الاتجاه.. أهلى أم زمالك.. وحين يتعلق الأمر بالأهلى والزمالك تخلوا الشوارع وتشتعل حمى المنافسة والعصبية ولا صوت يعلو فوق صوت المباراة.

بحجم مصر وتاريخها وسنوات عمرها والحضارات التى مرت عليها وأنهر العلم والمعرفة التى تدفقت على أراضيها.. وبحجم إنجازاتها وعطاءاتها وآثارها وإسهاماتها الكبرى بتاريخ البشرية.. بحجم سيرتها وقصصها وحكاياتها وثقافتها وشعرائها.. وبحجم قصص الحب والوجد والمودة والمحبة.. بحجم جيرانها وحروبها وسياساتها وقادتها.. بحجم الجغرافيا المتحركة فيها والتاريخ المتقلب بين أراضيها والحضارات المشيدة على ضفاف نيلها والديانات المتقلبة فى سماء قدسيتها.. بحجم مصر ودورها ومكاناتها.. يكون الحب والاشتياق والعودة إلى ضفافها التى لا تنتهى أبداً.

فى مصر نقشنا ذكرياتنا على أغصان الأشجار الوارفة.. وتركنا قصصنا سيرة فى زقزقة العصافير.. وتركنا بصماتنا كشاهد إثبات وإدانة بحبها.. فى شوارعها لا زالت خطواتنا تسير، وفى مقاهيها لازالت فناجيل قهوتنا ساخنة بإنتظار أن نعود لنرتشفها من جديد.. وفى زواياها تعلمنا الحب خلسة وعلانية.

فى ظل الأزمات المتتالية.. وظروف المعيشة الصعبة والعسيرة.. يبحث المصريون عن فرصة للفرح.. يبحثون عن طوق النجاة من همومهم.. يبحثون عن أى فرجة فرح تأخذهم مما هم فيه.

تبهجك مصر بمفاجآتها.. تجرك بحنينها وذكرياتها.. تجعلك جزءاً من تفاصيلها وتصبح هى جزءاً من تفاصيلك.. تصافحك مصر بسلام.. تبعث لك بموجات الطمأنينة .. لا تقلق وأنت فى مصر.. لا تبحث عن السعادة فى مكان آخر.. إنها تحيط بك من كل صوب.. وستجدها فى كل لحظة.. فى مسافات متساوية على بعد أمتار قد يختلف مفهوم السعادة بين البشر.. من يسير بالشارع بسيارته الفارهة وحساباته البنكية المتضخمة ومن يجلس وينام فى الشارع بهمومه وفقره وحاجته!!.

لا تبحث عن لحظة سعادة فى مصر.. لا تبحث عن أصدقاء.. لا تبحث عن متعة عابرة.. كل شىء متاح.. فذاك شعب يمد يد الود والصداقة دون مقابل.

التاريخ فى مصر يقودك عبر طرق وممرات ودهاليز تمتد لآلاف سنين.. وآلاف الأسرار وآلاف المفاجآت وآلاف التفاصيل الدقيقة من الإبداع والإنجاز والحضارة والعلم والمعرفة.. مصر ليست متسولاً يزعجك بإلحاحه عند إشارات المرور.. وليست حالة مأساوية تشبه ما نراه فى الأفلام.. وليست بائعاً مستغلاً يبحث عن حفنة من الجنيهات إضافية يلتقطها منك.. مصر ليست تلك الشوارع المزدحمة والمكتظة التى تنغص عليك يومك.. ولا هى سائق تاكسى ممل لا يكف عن الرغى والتدخين.. ولا محتال تتلاقط عينه بحثاً عن صيد ثمين.. ولا أصوات أبواق السيارات التى تفقدك لذة الهدوء.. ولا تلوث الهواء بالعوادم وغيرها التى تضيق لها أنفاسك.. تلك هى القشور التى نراها فى مصر.. لكن مصر التى فى قلوبنا هى أعمق من كل ما مضى ومن كل ما سبق ذكره .. مصر هى الحضن الدافئ والابتسامة البريئة والضحكة الممتعة والنظرة الحالمة والأكف التى لا تكف عن الدعاء والألسنة التى لا تكف عن الذكر والبشر التى لا تنضب من الطيب.. مصر الحلاوة والشقاوة والدلع والولع والحب من أول نظرة.. مصر الذكريات والأمنيات والأحلام.. مصر التى إن غصت فى أعماقها اكتشفت جمالها وروعتها ونعومتها بالرغم من خشونة الحياة التى تغلفها.. غنوا لها بكل اللغات.. هناك لا تفقد الذكريات عذوبتها.

لا تتغير مصر حين تنقطع عنها وتعود إليها.. كل شىء ثابت فى مكانه، أهلها هم أهلها بكل لطافتهم وهمومهم وشكواهم وقلقهم وجدالهم وخفة دمهم.. أرضها هى أرضها بنيلها وأهرامها ومبانيها وشوارعها وزحامها وضجيجها.. كل شىء فى مصر ثابت.. الوجوه فقط تتغير.. السماء فى مصر تقطر زعماء ومبدعين ومعارضين.. فى مصر سبعين مليون مواطن وسبعين مليون زعيم.. فى القهوة أو فى الشارع أو فى أى مكان كل الناس يتكلمون فى كل شىء فى السياسة والقانون والفنون والرياضة والكيميا.. تتلبسهم روح أحمد زويل ونجيب محفوظ والريحانى وعبد الناصر.. إنها مصر أم الدنيا.

فى مصر يخلق رغيف الخبز أزمة للحكومة.. وتتحول المدافن إلى مساكن.. وتمتلىء المقاهى بالعاطلين.. ولا تجد الحكومة حل لإرضاء الشعب الذى يواجه أزماته بالنكتة.. وطالما لعبت النكتة دوراً كبيراً فى الحياة السياسية فى مصر.. إنه شعب يسخر من كل شىء.. حتى من نفسه.. شعب بهذه البساطة لا يلام من يحبه.

فى مصر ممكن أن يحدث أى شىء.. ومن الممكن أن تتخيل أى شىء.. لا حدود لأحلامك وخيالك.. هناك وسيلة ما لتحقق حلمك.. من كثرة الأساطير والروايات التى يرددها الشعب أصبح كل شىء ممكن.. الواقع هو الأسطورة الكبرى التى يعيشها الشعب المصرى.. فعندما يجد من كان معدماً قبل سنوات قليلة أصبح يملك الملايين.. فكل شىء بعد ذلك من الممكن أن يكون!!
فى مصر يطلقون على الخليجيين عرب، وعلى الأجانب خواجات.. وعلى الدنيا السلام.. بضيقها وضجيجها وحلوها ومرها.. أحب مصر.

مصر ليست سبعة آلاف عام من الحضارة.. وليست قامة شامخة من الإنجازات العظيمة.. وليست امتداداً فارعاً من الإبداع والتميز.. وليست أسماء بارزة فى سماء الفن والأدب والعلوم والثقافة.. وليست جغرافيا أو تاريخاً أو بشراً.. إنها لكيان يضم ما سبق ذكره وأشياء أخرى أكثر بكثير.. وأهم مما قيل.

يعتقد قدماء المصريين بأن للنيل مفتاح يكشف أسراره وكنوزه.. مصر كذلك لها مفاتيح تكشف جمالها وروعتها التى تكسوها الأزمات وتغطيها مشاكل الحياة الطاحنة.

حين تكون فى مصر لا تشعر بالملل.. ترى الحياة تتسرب إلى جسدك.. تبهجك نكتة أطلقها أحدهم، وتشغلك عركة فى الشارع.. وتلهيك أصوات مجهولة المصدر تشغل الجو حولك.. حين تكون فى مصر لا تفكر بالمنطق.. ولا تبحث عن المعقول.. ولا تسأل عن الممكن.. كل شىء ممكن فى مصر.. المهم تفتح مخك!!.

حين تكون فى مصر ضع أعصابك فى ثلاجة.. لأنك لو كنت سريع الاشتعال والغضب.. لن تنتهى إلا فى القصر العينى.. ويجب أن تكون لك سعة بال تسع آلاف البشر.. ولا تنزلق فى دوامة الغضب والتأفف لأبسط الأسباب.

ممتعة مصر بكل ما فيها.. بصخبها وضجيجها وحالها وأحوالها.. قد تغضب منها لكنك أبداً لا تستطيع أن تنقطع عنها.

لمصر فى قلوبنا مساحة كبيرة من الحب والمودة.. تشرق شمس الحب فى مصر.. وتشرق الذكريات والحنين والأيام الممتعة.. حين تذكر مصر.. تذكر قامات كبيرة من المبدعين والمثقفين والمفكرين.. وتذكر إنجازات هائلة عجز العلم عن أن يفكك طلاسمها.. وتذكر حضارات متعاقبة أثرت هذه الأرض ونوعت من ركائز روعتها.. حين تذكر مصر تذكر أن التاريخ جغرافيا متحركة وأن الجغرافيا تاريخ ثابت كما قال المفكر المصرى جمال حمدان.

ساهمت مصر بطرق ووسائل عديدة فى إثراء الفكر العربى والثقافة والآداب والفنون.. وساهمت فى العلوم والعمارة والهندسة.. ومنها ظهر علماء ومفكرون وأدباء ومبدعون أبهروا العالم ولا يزالون.

إن بلداً بحجم مصر وتاريخها وحضارتها ومكانتها.. لا تتأثر بما يحاول البعض أن يجرها إليه من سوء.. لا تتعثر مصر فى الحفر الصغيرة.. ولا تخوض المعارك التى لا تليق بمكانتها.. مشكلة مصر فى السياسة.. حين تتحدث عن السياسة أفصل مصر التى تحبها عن تشوهات السياسة وتلوثاتها.. حين تقيم المواقف لا تنظر بعين واحدة.. ولا تنظر بشكل مستقيم إلى القضية مباشرة.. أبحث حولها.. أنظر إليها من خلال الدائرة الأوسع ستجد أن القضية مختلفة عن نظرتك الأولى المباشرة.. لمصر مكانة عربية مميزة، ومكانة دولية هامة.. شئنا أم أبينا مصر هى محور الارتكاز العربى.. إذا استقرت مصر استقرت الأمة.. وإذا اختل الميزان اختلت الأمة جميعها.

أزمات سياسية طاحنة تعرضت لها مصر.. ليس اليوم وهذا القرن بل منذ آلاف السنين.. وبقيت هى ذاتها لم تتأثر.. تغيرت الحياة من حولها ولم تتغير أو تتأثر.. ستبقى مصر على حالها وأزماتها وضجيجها.. وسنظل نحبها لأجل ذلك ولأشياء أخرى كثيرة.. لا يتسع المجال لذكرها.. ودمتم سالمين.

جيفارا .. كلمات ستبقى لتحرير الشعوب

ي مثل هذا اليوم اغتال الجيش البوليفي بمعاونة المخابرات المركزية الأمريكية أرنستو جيفارا أحد أشهر رموز الثورة على الظلم في القرن العشرين، وقد هجر مجال الطب وكانت حياته القصيرة سلسلة متصلة من حرب العصابات مع الحكومات العملية لأمريكا التي شاهد كيف تنهب ثروات القارة اللاتينية.

في المكسيك انضم جيفارا للثائر كاسترو وتمكنا عبر الثورة الكوبية الشهيرة التي أخذت طابع حرب العصابات من إسقاط نظام حكم باتيستا 1959 وكان تابعا لأمريكا ومدعوما بالسلاح منها، حيث تولى جيفارا في الحكومة الشيوعية بكوبا منصب رئيس المصرف الوطني وبعدها وزير الصناعة.

ولكنه فضل بعدها ترك المناصب التي رآها منافية لفكره الثوري وانضم مجددا لحركات مقاومة أمريكا داخل أفريقيا وأمريكا اللاتينية عبر صفوف الفلاحين والعمال وقضى نحبه في بوليفيا بعدما قبض عليه أثناء إحدى المعارك مع الجيش الحكومي.

ومن كلماته الشهيرة عن الحرية والإنسان:

- الطريق مظلم وحالك فإن لم نحترق أنت وأنا فمن سينير الطريق
- لا يهمني متى أو أين أموت.لكن همي الوحيد أن لا ينام البرجوازيون  بكل ثقلهم فوق أجساد أطفال الفقراء والمعذبين، وأن لا يغفو العالم بكل ثقله على جماجم البائسين والكادحين.
- أنا لا اوافق على ما تقول، ولكني سأقف حتى الموت مدافعا عن حقك  في أن تقول ما تريد .
- يقولون لي أذا رأيت عبدا نائما فلا توقظه لئلا يحلم بالحريه وأقول لهم،  إذا رأيت عبدا نائما أيقظه وحدثه عن الحرية.
- لابد أحيانا من لزوم الصمت ليسمعنا الآخرين، الصمت فن عظيم من  فنون الكلام .
- كنت أتصور أن الحزن يمكن أن يكون صديقا لكنني لم أكن اتصور أن الحزن يمكن أن يكون وطنا نسكنه ونتكلم لغته ونحمل جنسيته.
- إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة توجه إلى كل مظلوم في هذه الدنيا فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.
- علمني وطني بأن دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن
- لكل الناس وطن يعيشون فيه إلا نحن فلنا وطن يعيش فينا.
- أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة
- من شدة حبي سأموت، إن يوما سأموت لا حزنا أو حسرة لكن من شدة حبي !! من شدة حبي لك يا وطني المحتل.





- قد يكون من السهل نقل الإنسان من وطنه ولكن من الصعب نقل وطنه منه.

- مثل الذي باع بلاده وخان وطنه مثل الذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه.
-  عزيزتي تمسكي بخيط العنكبوت ولا تستسلمي  (من رسالة إلى زوجته إلييدا) .
-  إن من يعتقد أن نجم الثورة قد أفل فإما أن يكون خائنا أو متساقطا أو جبانا, فالثورة قوية كالفولاذ, حمراء كالجمر, باقية كالسنديان عميقة كحبنا الوحشي للوطن .
-  كل قطرة دم  تسكب في أي بلد غير بلد المرء سوف تراكم خبرة لأولئك الذين نجوا, ليضاف فيما بعد إلى نضاله في بلده هو نفسه, وكل شعب يتحرر هو مرحلة جديدة في عمليه واحدة هي عملية اسقاط الامبريالية.
-  أنا لست محررا, المحررين لا وجود لهم, فالشعوب وحدها هي من تحرر نفسها .
-  لا أعرف حدوداَ فالعالم بأسره وطني .
- الإصلاح الزراعي هو حجر الزاوية في أية ثورة،.فليست هناك حكومة يمكن أن تصف نفسها بأنها حكومة ثورية ، اذا لم تنفذ برنامجا جذريا للاصلاح الزراعي .
- إننا نبني الاشتراكية على أرضنا ونضع حبة الرمل الضغيرة هذه في خدمة أمل الانسانية الاكبر : الغاء استغلال الانسان للانسان ، هذا الانسان الذي يشكل الاستعمار العدو له .
- إنَّ آلاف الأطفال الفقراء في كوبا، يمنعون أولادي من أن يلعبوا بالدمى كأطفال الأغنياء.
- كلّ الناس تعمل وتكدّ وتنشط لتتجاوز نفسها، لكنّ الهدف الوحيد هو الربح. وأنا ضدّ الربح، ومع الإنسان. ماذا يفيد المجتمع، أي مجتمع، إذا ربح الأموال وخسر الإنسان؟
- التاعسون هم مصدر القوة في العالم.
- إنّ الثورة تتجمّد، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون على الكراسي ويبدأون بناء ما ناضلت من أجله الثورة
- هذا هو التناقض المأساوي في الثورة: أن تناضل وتكافح وتحارب من أجل هدف معيّن، وحين تبلغه، وتحقّقه، تتوقّف الثورة وتتجمّد في القوالب. وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمّدة داخلي.
-إنّني أؤمن بأنَّ النضال المسلّح هو الطريق الوحيد أمام الشعوب الساعية إلى التحرّر. ويعتبرني الكثيرون مغامراً ، وفعلا أنا مغامر لكن من طراز مختلف عن الساعين وراء نزوات فردية عابرة.
- حياة الإنسان الفرد أعظم من كل ممتلكات أغنى أغنياء الأرض... الإحساس بالفخر لأنك خدمت جارك أكثر أهمية بكثير من مكافأة طيبة على العمل ذاته.  والشيء الملموس أكثر والشيء الأبقى من كل الذهب الذي قد يجمعه الفرد هو امتنان الناس له.
- يجب البدء في محو كل مفاهيمنا القديمة.  يجب ألا نذهب للناس ونقول لهم، ها نحن قد جئنا.  لنتفضل عليكم بوجودنا معكم، لنعلمكم علومنا، لنظهر لكم أخطاءكم، وحاجتكم للثقافة، وجهلكم بالأشياء الأولية، يجب أن نذهب بدلا من ذلك بعقل فضولي وروح متواضعة لننهل من هذا المعين العظيم للحكمة الذي هو الشعب.
- نحن في حاجة غالبا لتغيير مفاهيمنا، وليس فقط المفاهيم العامة، الاجتماعية أو الفلسفية، ولكن في بعض الأحيان الطبية أيضا، سوف نرى أن الأمراض لا تحتاج دائما إلي طرق تدخل علاجية كالتي تستخدم في مستشفيات المدن الكبيرة.  سوف نرى أن الطبيب يجب عليه، على سبيل المثال، أن يكون أيضا فلاح ويزرع أطعمة جديدة ويحصدها، لرغبته في استهلاك أطعمة جديدة، وتنويع الهيكل الغذائي الذي هو محدود جدا، وفقير جدا.
- إذا ما خططنا لإعادة توزيع ثروة هؤلاء الذين لديهم الكثير جدا لنعطي هؤلاء الذين لا يمتلكون شيئا؛ لو نوينا أن يصبح العمل مبدعا يوميا، مصدرا ديناميكيا لكل أسباب سعادتنا، فمن ثم نحن لدينا أهداف نسعى نحوها.
- ما يؤلم الإنسان هو أن يموت على يد من يقاتل من أجلهم.
- لن يكون لدينا ما نحيا من أجله .. إن لم نكن على استعداد أن نموت من أجله.

ذباب حول العسل

من يصدّق أن الولايات المتحدة الأمريكية دعّمت ثورة التونسيين وباركت هروب الرئيس "المسالم" زين العابدين بن علي الذي كانت تقول له كن ..فيكون؟ ومن يصدق أن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت ثورة المصريين وباركت تنحّي الرئيس "الخانع" حسني مبارك الذي كانت تقول له أنا ربك الأعلى ..فيكون أول الساجدين؟ ومن يصدق الآن أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم ثورة الليبيين وتبارك سقوط الرئيس "المخبول" معمر القذافي الذي كانت لا تقول له أبدا لأنه يفعل مالا تحلم به؟ ومع ذلك تحاول الولايات المتحدة تبنّي المواليد الجدد كما فعلت سابقا‭ ‬وفعلت‭ ‬معها‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬اللذان‭ ‬أناما‭ ‬الثورات‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬حضانة‭ ‬مزمنة‭. ‬